يعود مسلسل The Boys في موسمه الرابع ليؤكد مجدداً أنه ليس مجرد عمل عن الأبطال الخارقين، بل مرآة ساخرة ومظلمة تعكس واقع القوة والفساد والتلاعب السياسي.
ومع كل حلقة جديدة، تتزايد الضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع تطوّر شخصية "هوملاندر" (Homelander) الذي بات رمزاً مرعباً لتغوّل السلطة وانعدام الضمير.

القصة: أمريكا على حافة الانفجار
ينطلق الموسم الرابع من النقطة التي انتهى عندها الموسم السابق، في ظل توتر سياسي غير مسبوق داخل الولايات المتحدة.
يتحوّل الصراع هذه المرة إلى معركة على الرأي العام والانتخابات الرئاسية، حيث يسعى "هوملاندر" إلى فرض نفوذه خارج حدود شركة Vought ليصبح قوة سياسية لها كلمتها في الحكم.

وفي المقابل، تستمر مجموعة "The Boys" بقيادة بيلي بوتشر (Billy Butcher) في محاولتها فضح الأبطال المزيفين وإيقاف نفوذهم، رغم الانقسامات الداخلية والتعب النفسي الذي بدأ ينخر الفريق من الداخل.

وتدخل على الخط فيكتوريا نيومان، السياسية ذات القدرات الخارقة، التي تمثل الوجه المبتسم للشرّ المقنّع بالشرعية، مما يجعل المعركة أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

Homelander: الشرّ الذي يزداد إنسانية... وتهوراً
لا شك أن هوملاندر هو محور الاهتمام في هذا الموسم. فالشخصية التي بدت سابقاً شريرة بطبيعتها، أصبحت الآن أكثر عمقاً وتناقضاً.
يُظهر المسلسل جانباً جديداً منه؛ إنساناً هشّاً يبحث عن القبول، خصوصاً من ابنه "رايان"، لكنه في الوقت ذاته يغرق أكثر في جنون العظمة والبحث عن التمجيد.

يقدّم الممثل أنتوني ستار (Antony Starr) أداءً مذهلاً، يجمع بين البرود الساحر والانفجار العاطفي المفاجئ، مما جعل النقاد يصفونه بأنه أحد أكثر "الشريرين تعقيداً في تاريخ التلفزيون الحديث".

ومع كل حلقة، تزداد ملامح شخصيته ظلمة، حتى يصل الأمر إلى شعور المشاهد بالرهبة من مجرد حضوره على الشاشة، ليس لقوته الخارقة فقط، بل لقدرته على تبرير شرّه بمنطق أخلاقي زائف.

البعد السياسي والاجتماعي
يستخدم The Boys هذا الموسم الأحداث السياسية كمرآة للواقع الأمريكي المعاصر.
من التلاعب الإعلامي إلى استغلال الخوف الجماعي، يرسم المسلسل صورة قاسية عن كيفية صناعة الأبطال والزعماء في عصر الدعاية الرقمية.

تتجلى هذه الفكرة في عدة خطوط درامية:
  • حملة انتخابية يتحكم فيها رأس المال والدعاية.
  • انقسام المجتمع بين من يرى "هوملاندر" بطلاً قومياً ومن يعتبره طاغية.
  • استخدام القوة الخارقة كرمزٍ للقوة السياسية والعسكرية الحقيقية في العالم.
إنه موسم يقدّم نقداً لاذعاً للأنظمة التي تسمح للشر أن يرتدي زيّ البطولة.

تطوّر الشخصيات والدراما الداخلية

بينما يحتفظ المسلسل بعنفه وسخريته المعتادة، يقدّم هذا الموسم أيضاً عمقاً إنسانياً لم يكن واضحاً في المواسم السابقة.
فـ"بوتشر" يعيش صراعاً داخلياً بين الانتقام والخلاص، فيما تحاول الشخصيات الأخرى التعامل مع فقدان الثقة المتبادل.
أما "ستارلايت"، فتسعى لإيجاد توازن بين شهرتها ونزاهتها، في عالم لا يكافئ الطيبين.

كل هذه الخطوط تمنح المسلسل مزيجاً نادراً من الدموية والعاطفة والفكر السياسي.

تفاعل الجمهور والنقاد
لاقى الموسم الرابع استحساناً كبيراً من المشاهدين، الذين أشادوا بجودة الكتابة، وتطوّر الأحداث، وأداء الممثلين، خاصة أنتوني ستار و كارل أوربان.
كما تصدّر المسلسل ترند شبكات التواصل أسبوعاً بعد آخر، مع كل حلقة تحمل مشهدًا صادماً أو لحظة مثيرة للجدل.

في المقابل، انتقد بعض النقاد التكرار في بعض الحبكات الفرعية، واعتبروا أن المسلسل أصبح أكثر وضوحاً في رسائله السياسية، لكنه رغم ذلك ما يزال من أكثر الأعمال جرأة وتأثيراً على الشاشة.


يواصل مسلسل The Boys في موسمه الرابع إثبات أنه ليس مجرد عرض دموي عن أبطال خارقين، بل ملحمة عن الإنسان حين يمتلك القوة دون وازع.
فـ"هوملاندر" لم يعد مجرد شخصية شريرة، بل تحوّل إلى رمز للخطر الكامن في فكرة البطل نفسه.

وبين صراع الأخلاق والهيمنة، يضع المسلسل مشاهديه أمام سؤال وجودي مؤلم:

من الذي يجب أن نخشاه أكثر؟ الأشرار… أم الأبطال الذين يظنون أنهم لا يُخطئون؟