قبل أسابيع قليلة من طرحه في صالات العرض العالمية بتاريخ 26 سبتمبر 2025، يواصل فيلم One Battle After Another للمخرج المرموق بول توماس أندرسون إثارة الضجة في الأوساط السينمائية. فقد بدأت المراجعات النقدية الأولية بالظهور، محمّلة بالكثير من الثناء والإشادة، لا سيما بأداء النجم الكبير ليوناردو دي كابريو، الذي عاد ليؤكد مكانته كأحد أبرز ممثلي جيله وأكثرهم قدرة على التنوّع والإقناع.

رواية صعبة تتحوّل إلى سينما مؤثرة
الفيلم مستند إلى رواية Vineland للكاتب الأمريكي توماس باينشون، التي صدرت عام 1990 واعتُبرت واحدة من الأعمال الأدبية المعقدة التي تمزج بين السياسة والمجتمع والخيال السردي. تحويل نص غني بهذا الشكل إلى عمل سينمائي لم يكن أمرًا يسيرًا، لكن أندرسون، المعروف بقدرته على تقديم حبكات مركبة وشخصيات ذات أبعاد عميقة، استطاع أن يترجم الرواية إلى لغة بصرية قوية دون أن يفقد ثقلها الفكري.

الحكاية بين الثورة والمطاردة
تتمحور القصة حول شخصية ثورية تجد نفسها عالقة في مواجهة لا تنتهي مع ضابط شرطة مصمم على إخماد صوتها. هذا الصراع الشخصي يتحول إلى انعكاس لصراع أوسع بين الفرد والسلطة، وبين الحلم بالتغيير والواقع القاسي الذي يفرض قيوده. ومن خلال هذه الحبكة، يطرح الفيلم أسئلة عميقة حول معنى الحرية، ودور المقاومة في وجه الظلم، وحدود العدالة في عالم مضطرب.

طاقم تمثيلي متنوّع
ما يعزز من قوة الفيلم أيضًا هو مشاركة مجموعة من النجوم المميزين إلى جانب دي كابريو:

  • ريجينا هول: تقدّم شخصية نسائية ذات أبعاد إنسانية، لتكون بمثابة صوت العقل وسط دوامة الأحداث.
  • بينيسيو ديل تورو: يضفي ثقلًا دراميًا على العمل بفضل حضوره الطاغي وقدرته على تجسيد الأدوار المعقدة.
  • تيانا تايلور: تمنح القصة طاقة مختلفة وحسًّا معاصرًا يعمّق من الجانب الإنساني للشخصيات.

صورة بصرية ولغة سينمائية غنية
أشاد النقاد بالجانب البصري للفيلم، حيث استخدم أندرسون تقنيات تصوير مبتكرة تجمع بين الأجواء الواقعية والرمزية، ما يجعل المشاهد غارقًا في التفاصيل البصرية التي تعكس بدقة الحالة النفسية للشخصيات. كما أن الموسيقى التصويرية جاءت متناغمة مع لغة الصورة، ما منح الفيلم إيقاعًا خاصًا يرفع من حدة التوتر ويعزز التجربة العاطفية.

استقبال نقدي مبشّر
النقاد الذين شاهدوا العمل قبل عرضه الرسمي أكدوا أن الفيلم يمثّل مزيجًا مثاليًا بين الدراما الاجتماعية والرؤية الفنية العميقة، وهو ما يميّز عادةً أفلام بول توماس أندرسون. وقد حظي دي كابريو بنصيب الأسد من المديح، حيث وصف أداؤه بأنه واحد من أقوى أدواره منذ سنوات، وربما يقوده إلى ترشيحات جديدة في موسم الجوائز المقبل، خصوصًا مع قدرته على إظهار الصراع الداخلي للشخصية بجاذبية عالية ومصداقية لافتة.

ما الذي ينتظر الجمهور؟
مع كل هذه المعطيات، يبدو أن One Battle After Another لن يكون مجرد فيلم عابر، بل عمل يطمح لاحتلال مكانة بارزة في تاريخ السينما المعاصرة. يجمع الفيلم بين النص الأدبي العميق، والرؤية الإخراجية الفريدة، والأداء التمثيلي المبهر، مما يجعله حدثًا فنيًا مرتقبًا على نطاق واسع. وبالنظر إلى موجة الإشادات المبكرة، فإن التوقعات تشير إلى أن الجمهور سيستقبل عملًا يثير النقاش طويلًا بعد خروجه من صالات العرض.