في خطوة أثارت اهتمام الصحافة السينمائية الدولية، أعلنت فرنسا مؤخرًا عن اختيار الفيلم الإيراني It Was Just an Accident للمخرج جعفر بناهي ليكون الترشيح الرسمي للبلاد في فئة أفضل فيلم أجنبي ضمن جوائز الأوسكار لعام 2026. هذا الاختيار لم يكن عاديًا، إذ يأتي ليؤكد مكانة بناهي كأحد أبرز الأصوات السينمائية المستقلة في إيران، ومكافأة دولية لصموده وإبداعه رغم السنوات الطويلة التي قضاها تحت قيود صارمة.
قصة تحمل بصمة شخصية قوية
الفيلم يعرض دراما انتقامية مستوحاة من تجارب المخرج الشخصية في السجن، حيث واجه بناهي قيودًا مشددة على حريته، بما في ذلك المنع من السفر ومنع أعماله السينمائية من العرض في بلاده. ومن خلال هذا العمل، استطاع المخرج تحويل معاناته إلى مادة فنية غنية، تجعل من الفيلم أكثر من مجرد سرد درامي؛ إنه شهادة على الصمود، وتجسيد للقدرة على تحويل الألم الشخصي إلى فن مؤثر وذو بعد عالمي.
البعد الرمزي لاختيار فرنسا
اختيار فرنسا لهذا الفيلم يحمل دلالات قوية تتجاوز الجانب الفني. إذ يُنظر إليه كإشارة إلى دعم حرية التعبير والإبداع الفني، كما أنه يعكس تقدير السينما الفرنسية لأعمال بناهي التي طالما واجهت الرقابة والمنع في بلاده. ويمكن القول إن هذا الترشيح يحمل رسالة سياسية ضمنية، تؤكد أن السينما تستطيع أن تكون منصة لإيصال أصوات المكبوتين والمهمشين إلى الجمهور العالمي، وأن الفن قادر على كسر القيود والحدود.
إشادات نقدية مبكرة
رغم أن الفيلم لم يُعرض بعد على نطاق واسع، فقد حظي بعروض محدودة في بعض المهرجانات الدولية التي أشادت بقوة السرد وعمق الشخصيات. النقاد وصفوا الفيلم بأنه مزيج متقن بين الدراما الواقعية والبعد الرمزي العميق، مع استخدام ذكي للغة السينمائية التي تجعل المشاهد يشعر بكل تفاصيل الصراع الداخلي للشخصيات. هذا الأسلوب يجعل الفيلم ليس فقط تجربة ممتعة للعين، بل تجربة فكرية وعاطفية تنقل المشاهد إلى قلب الأحداث.
مسيرة بناهي ومستوى الفيلم الفني
منذ بداياته، شكل جعفر بناهي حالة فريدة في السينما الإيرانية والعالمية. أعماله السابقة مثل الدائرة وهذا ليس فيلمًا لاقت استحسانًا عالميًا، لكنها أيضًا وضعت المخرج تحت مراقبة مشددة من السلطات الإيرانية. ومع ذلك، واصل بناهي العمل، ليصبح نموذجًا للمخرج الذي يستطيع مقاومة القيود بالقلم والكاميرا، ويثبت أن الإبداع لا يمكن أن يُحاصر مهما كانت الظروف.
أهمية الترشيح وتأثيره المستقبلي
اختيار It Was Just an Accident لتمثيل فرنسا في الأوسكار ليس مجرد تكريم فني، بل يمثل اعترافًا عالميًا بقوة السينما في نقل قصص المقاومة والصمود. وإذا ما تمكن الفيلم من الوصول إلى القائمة النهائية أو الفوز بالجائزة، فسيكون ذلك بمثابة إنجاز كبير، ليس فقط للمخرج الإيراني، بل لكل السينما المستقلة التي تواجه تحديات وصعوبات في بلدانها.
في النهاية، يحمل هذا الترشيح رسالة أمل قوية: أن الفن يمكن أن يكون سلاحًا في مواجهة القمع، وأن الأفلام ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل أداة للتغيير والوعي الثقافي. فيلم It Was Just an Accident يثبت أن الكلمة والصورة معًا يمكن أن تتخطى الجدران، وأن صوت المبدعين يمكن أن يصل إلى كل مكان في العالم، مهما كانت الصعوبات.
افلام
مسلسلات
المدونة