يعود فيلم Twisters (الإعصار) ليُشعل صالات السينما في صيف 2024، بعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود على صدور الجزء الأول من السلسلة الشهيرة Twister (1996).
ويبدو أن الرهان هذه المرة لم يكن فقط على الحنين للماضي، بل على عرض بصري مذهل ومشاهد إعصارٍ تخطف الأنفاس جعلت الفيلم يتصدّر محركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعي منذ الأيام الأولى لعرضه.

القصة: مطاردة جديدة في قلب العاصفة
تبدأ أحداث الفيلم في ولاية أوكلاهوما، حيث تعود “كيت كوبر” — التي تؤدي دورها الممثلة ديزي إدغار-جونز — إلى عالم مطاردة الأعاصير بعد سنوات من الابتعاد، إثر تجربة مأساوية فقدت فيها أحد زملائها أثناء مهمة علمية.
لكنّ الظروف تدفعها للعودة من جديد لتجربة تقنية متطورة قادرة على تحليل الأعاصير في الوقت الفعلي، ومعها فريق من العلماء الشجعان الذين يسعون لفهم قوى الطبيعة العاتية.

على الجانب الآخر، يظهر مطارد العواصف الشهير تايلر أوينز (الذي يؤديه الممثل غلين باول)؛ شاب مغامر يوثّق مغامراته الخطيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليصبح منافساً ومكمّلاً في الوقت ذاته لفريق كيت.
وسرعان ما يجد الفريقان نفسيهما في مواجهة سلسلة أعاصير غير مسبوقة تهدد كل ما حولهم، لتتحول المطاردة العلمية إلى صراع من أجل البقاء.

الإخراج والتصوير: عندما تتحول الشاشة إلى عاصفة
منذ المشهد الأول، يَظهر جهد المخرج لي أيزاك تشونغ واضحاً في تقديم تجربة بصرية غامرة.
اُستخدمت تقنيات تصوير ومؤثرات رقمية متطورة تجعل المشاهد يعيش الإعصار لحظة بلحظة — من تطاير السيارات إلى تمزّق الأبنية وانفجار الغبار في السماء.

الصوت كذلك لعب دوراً محورياً؛ فهدير الرياح والصفير المفاجئ يجعلانك تشعر بأن الكارثة تقترب منك فعلاً.
نقاد كُثر وصفوا الفيلم بأنه “أقرب ما يمكن للواقع دون أن تُصاب فعلاً بإعصار”.

الأبعاد الإنسانية خلف العاصفة
على الرغم من ضخامة المشاهد والمؤثرات، فإن الفيلم لا يخلو من عمقٍ عاطفي.
فالقصة لا تتحدث فقط عن مطاردة الأعاصير، بل عن مطاردة الذات — كيف يواجه الإنسان مخاوفه القديمة، وكيف يمكن للفقدان أن يصبح دافعاً للنجاة لا للاستسلام.

شخصية “كيت” تجسّد فكرة البحث عن الخلاص، بينما يمثل “تايلر” الجانب المغامر الذي يتحدّى الخطر من أجل الشهرة.
ومع تقدّم الأحداث، يجد كلاهما نفسه مضطراً إلى التعاون من أجل إنقاذ الأرواح بدلاً من مطاردة المجد الشخصي.

سرّ الانتشار الكبير على وسائل التواصل
حظي الفيلم بانتشار واسع على الإنترنت بفضل مشاهد الإعصار المذهلة التي تداولها المستخدمون على شكل مقاطع قصيرة وصور عالية الجودة.
كما أسهم حضور نجمين شابين محبّبين للجمهور في جذب فئات جديدة من المشاهدين، خصوصاً مع الطابع العصري الذي يمزج بين العلم، الأكشن، ودراما الكوارث.

افتتح الفيلم عروضه بإيرادات ضخمة تجاوزت التوقعات، متفوّقاً على معظم أفلام الموسم الصيفي، واعتُبر عودة قوية لسينما الكوارث الطبيعية بعد سنوات من الغياب.

النقد والاستقبال

نال الفيلم إشادة واسعة من الجمهور، خاصة لأداء ديزي إدغار-جونز الواقعي، وتصميم المؤثرات الصوتية والبصرية التي وصفها النقاد بأنها "من الأفضل في العقد الأخير".
ومع ذلك، انتقد بعضهم بساطة الحوار في بعض المشاهد، إضافةً إلى افتقار بعض الشخصيات الجانبية للتفاصيل الكافية، لكن معظم الآراء اتفقت على أنه فيلم صيفي متكامل يجمع بين المتعة والإبهار.


يقدّم فيلم Twisters تجربة سينمائية لا تُنسى، تجمع بين قوة الطبيعة وروح الإنسان في مواجهة المجهول.
إنه ليس مجرد عرض بصري مذهل، بل رسالة عن الشجاعة والتعاون في وجه الكوارث، وعن ذلك الحد الفاصل بين العلم والمغامرة، وبين الطيش والإيمان.

ففي النهاية، الإعصار الحقيقي ليس ما تراه على الشاشة، بل ما يثور في داخل الإنسان عندما يواجه الخوف لأول مر