يُعدّ الفيلم الوثائقي «The Perfect Neighbor» من أبرز إنتاجات نتفليكس لعام 2025، وهو عمل جريء يتناول قصة حقيقية صادمة حدثت في ولاية فلوريدا الأمريكية، حيث تحوّل خلاف بسيط بين جارتين إلى حادثة مأساوية أودت بحياة أم لأربعة أطفال.

الفيلم من إخراج جيتا غاندبهير (Geeta Gandbhir)، وتبلغ مدّته نحو 97 دقيقة. عُرض أولًا في صالات السينما يوم 10 أكتوبر 2025، قبل أن يُطرح رسميًا عبر منصة Netflix في 17 أكتوبر 2025، ليحظى باهتمام واسع من الجمهور والنقّاد على حدّ سواء.

 القصة الحقيقية التي هزّت الرأي العام
تدور أحداث الفيلم حول واقعة مأساوية وقعت في مدينة أوكالا بولاية فلوريدا، حين أطلقت امرأة تُدعى سوزان لورينتز النار على جارتها أجيك “إيه.جي.” أوينز من خلال باب مغلق، بعد سلسلة من الخلافات والمشادات التي بدأت بسبب أطفال أوينز.

تُظهر الوثائقيات المأخوذة من كاميرات الشرطة والمراقبة كيف تحوّل توتر يومي عادي إلى جريمة عنف مروّعة. حاولت لورينتز الدفاع عن نفسها أمام المحكمة بالاستناد إلى قانون “Stand Your Ground”، الذي يتيح استخدام القوة المميتة دفاعًا عن النفس، لكن القضاء حكم عليها بالسجن 25 عامًا بتهمة القتل الخطأ.

 طريقة السرد والأسلوب الفني
يقدّم الفيلم مادته بأسلوب وثائقي خالص، إذ يعتمد بشكل أساسي على لقطات حقيقية وصور أرشيفية ومكالمات الطوارئ التي وثّقت الحادثة لحظة بلحظة. لا يستخدم المخرج أسلوب الدراما التمثيلية، بل يترك للصور أن تتحدث بنفسها، فيجعل المشاهد يعيش التوتر والذهول كما حدث في الواقع تمامًا.

المخرجة غاندبهير لا تكتفي بسرد القصة من منظور جنائي، بل تفتح النقاش حول قضايا أعمق، مثل التمييز العنصري، والخوف المجتمعي، وسوء استخدام القوانين التي تُبرّر العنف في بعض الولايات الأمريكية.

 الرسالة التي يحملها الفيلم

يحاول الفيلم أن يطرح تساؤلات جوهرية:
هل يمكن للقوانين التي تدّعي حماية الأفراد أن تُستخدم لتبرير القتل؟
وهل يكفي “الخوف” ليمنح الإنسان حق سلب حياة غيره؟

من خلال هذه التساؤلات، يعكس العمل صورة مؤلمة للواقع الأمريكي، حيث تتداخل مفاهيم العدالة مع الانحياز والتمييز، ويُصبح القانون أحيانًا جزءًا من المشكلة بدلًا من أن يكون الحل.

 ردود الفعل النقدية

نال الفيلم إشادة نقدية واسعة على منصات التقييم العالمية، مثل Rotten Tomatoes وIMDb، حيث اعتبره النقاد “أحد أكثر الأعمال الوثائقية تأثيرًا في عام 2025”.
وأثنوا على الواقعية القاسية التي استخدمتها المخرجة، وعلى قدرتها في جعل المشاهد يشعر بأنه يعيش الأحداث بدلًا من مجرد مشاهدتها.

أما بعض المراجعات الأخرى، فذكرت أن الفيلم كان من الممكن أن يقدّم رؤية أعمق لآليات الإصلاح المجتمعي، لكنه رغم ذلك يظلّ شهادة قوية على مأساة لا يمكن تجاهلها.

فيلم «The Perfect Neighbor (2025)» ليس مجرد قصة عن خلاف بين جيران، بل مرآة تعكس التوترات العرقية والاجتماعية في المجتمع الأمريكي الحديث.
إنه عمل صادق وصادم، يضع المشاهد أمام سؤال أخلاقي صعب:
إلى أي حدّ يمكن أن تتحوّل “العدالة” إلى ذريعة للعنف؟

هذا الفيلم لا يُشاهد لمجرد التسلية، بل للتفكير في ما وراء الجدران المغلقة — حيث تبدأ القصص الحقيقية، وحيث قد يتحوّل “الجار المثالي” إلى كابوس.