تعود النجمة البريطانية أوليفيا كولمان إلى الشاشة بفيلم مختلف يحمل عنوان Jimpa، وهو أول عمل أسترالي تشارك فيه خلال مسيرتها الفنية. الفيلم من إخراج صوفي هايد، التي تقدّمه بأسلوب شبه سيرة ذاتية يستكشف معنى العائلة، والهوية، والعلاقة المعقدة بين الأجيال المتعاقبة.

القصة
تدور أحداث Jimpa حول المخرجة هانا (تجسّدها أوليفيا كولمان)، التي تسافر من أستراليا إلى أمستردام بصحبة ابنتها المراهقة فرانسيس. أثناء الرحلة، تتعرّف الابنة على جدّها الغريب الأطوار جيمبا، رجل مسنّ مليء بالحياة والمفاجآت.
تنجذب فرانسيس لعالم جدّها الحرّ والمليء بالتجارب، فتقرر البقاء معه لفترة، مما يضع والدتها أمام مأزق نفسي صعب: هل تمنح ابنتها الحرية التي لم تحظَ بها هي في شبابها، أم تتمسك بها خوفًا من فقدانها؟

الفيلم لا يركّز فقط على الصدام بين أم وابنتها، بل يذهب أعمق من ذلك، كاشفًا عن الصراع الداخلي في كل جيل بين الحاجة إلى التغيير والرغبة في الثبات. إنه عمل يتناول معنى الانتماء والقبول في عالم تتبدل فيه القيم واللغة والعلاقات بسرعة مذهلة.

 الأداء والإخراج
يُعتبر أداء أوليفيا كولمان أحد أبرز عناصر القوة في الفيلم، إذ تقدّم شخصية مليئة بالتناقضات — أمّ تحاول أن تكون صديقة لابنتها، لكنها في الوقت نفسه عاجزة عن تقبّل اختلافها.
كما يقدّم جون ليثغو دور الجدّ “جيمبا” بحيوية لافتة، في شخصية تجمع بين الحكمة والعبث، وتكسر الحواجز بين الماضي والحاضر.
المخرجة صوفي هايد استخدمت أسلوبًا بصريًا بسيطًا وعاطفيًا في آنٍ واحد، يمزج بين لقطات واقعية وأخرى شاعرية تُبرز التوترات العاطفية بين الشخصيات.

 خلف الكواليس والعرض
تم تصوير الفيلم في أستراليا وهولندا وفنلندا، ليعكس التنقل الدائم بين الأمكنة الذي يوازي التحوّل النفسي في القصة.
نال الفيلم اهتمامًا كبيرًا منذ عرضه الأول في مهرجان صندانس السينمائي مطلع عام 2025، قبل أن يُعلن عن اختياره ليكون فيلم الافتتاح في مهرجان أديلايد السينمائي هذا الخريف. ومن المقرر طرحه في صالات السينما الأسترالية والعالمية بداية عام 2026.

 الموضوعات والرسائل
ما يميّز Jimpa أنه لا يقدّم قصة عائلية تقليدية، بل يفتح نقاشًا حول مفاهيم الهوية الجندرية، والتواصل بين الأجيال، وكيف يتغير معنى “العائلة” في زمن أصبح أكثر تعقيدًا وتنوّعًا.
الفيلم لا يفرض آراءه، بل يدعو المشاهد للتأمل في اختلاف التجارب الإنسانية، من خلال مواقف بسيطة ومشاعر صادقة تجعل المتفرج يرى شيئًا من نفسه في كل شخصية.

 تقييم عام
يُعد Jimpa أحد أكثر الأعمال صدقًا ودفئًا في عام 2025، لأنه يتحدث عن الروابط الإنسانية بعيدًا عن المبالغة أو التجميل.
قد يكون إيقاعه أبطأ من أفلام الدراما المعتادة، لكنه يعوّض ذلك بعمق عاطفي وبناء شخصيات حقيقي يجعل الفيلم أقرب إلى تجربة حياتية منه إلى مجرد عرض سينمائي.

فيلم Jimpa رحلة هادئة في ذاكرة العائلة، بين ما نرثه وما نختاره لأنفسنا.
من خلال أداء أوليفيا كولمان المرهف وإخراج صوفي هايد الحساس، يتحوّل العمل إلى تأمل صادق في معنى أن تكون أبًا أو ابنًا، وأن تحب رغم الاختلاف.
إنه فيلم عن التفاهم، عن الودّ بعد الخلاف، وعن الشجاعة في تقبّل من نحبّ كما هم، لا كما نريدهم أن يكونوا.