يُطلّ علينا مسلسل "To Cook a Bear" كواحد من أكثر الأعمال الدرامية المنتظرة في عام 2025، مستلهمًا قصته من رواية الكاتب السويدي ميكائيل نيمي (Mikael Niemi) التي حققت نجاحًا واسعًا منذ صدورها. المسلسل مؤلف من ست حلقات ويُعرض عبر Disney+ وHulu، في تجربة تمزج بين الدراما التاريخية وأجواء التحقيق البوليسي الغامض.

 القصة
تبدأ الأحداث في قرية نائية تُدعى كينغيس (Kengis) في شمال السويد عام 1852، حين يصل قسّ جديد مع عائلته إلى المكان، حاملاً معه أفكارًا إصلاحية تدعو إلى العدالة والمساواة بين الطبقات، وإلى إنهاء التمييز ضد السكان الأصليين من قومية السامي (Sámi).
لكن سرعان ما يهتزّ هدوء القرية بعد اختفاء فتاة تُدعى هيلدا، وسط شائعات عن دبّ مفترس يتجول في الغابات القريبة. غير أن القسّ وابنه بالتبنّي جوسي يرفضان تصديق تلك الروايات الشعبية، ويبدآن رحلة تحقيق تكشف أن وراء الحكاية ما هو أعمق من الأسطورة.

تتداخل الخرافة بالدين، والحقائق بالأساطير، في قصة تتناول الصراع بين العقل والإيمان، وبين صوت العدالة وصدى الخوف الجمعي الذي يسكن القرى المنعزلة.

 الشخصيات والتمثيل
يتصدر النجم السويدي غوستاف سكارسغارد (Gustaf Skarsgård) البطولة بدور القسّ الغريب عن المكان، الذي يحاول موازنة قناعاته الإنسانية مع التقاليد الصارمة للمجتمع المحلي.
ويشاركه في البطولة آني دال تورب، بيرنيلا أوغست، وماجنوس كريبر، إلى جانب أداء مؤثر من الممثل الشاب الذي يجسّد شخصية جوسي، ابن القسّ بالتبنّي، والذي يُعدّ المرآة الصادقة للأحداث.

الأسلوب والإخراج
يتميّز المسلسل بتصويره المذهل للطبيعة الشمالية الباردة، إذ تم تصويره في عشرات المواقع في السويد وفنلندا، مما أضفى على العمل طابعًا بصريًا ساحرًا يجمع بين العزلة والجمال.
كما يوازن الإخراج بين الأجواء الغامضة والإحساس التاريخي العميق، في سرد يتقدّم ببطء محسوب يعبّر عن برودة المكان وثقل الصراع الداخلي للشخصيات.

المسلسل لا يعتمد على الرعب التقليدي أو الدماء، بل على التوتر النفسي والرموز التي تحيط بكل مشهد، ليترك المشاهد في حالة من التساؤل: من الوحش الحقيقي؟ الدبّ، أم البشر أنفسهم؟

 القضايا والرسائل
يتناول To Cook a Bear مواضيع شديدة الحساسية:
  • الصراع بين الإيمان والعقل.
  • استغلال السلطة الدينية.
  • الفوارق الطبقية والتمييز ضد الأقليات.
كما يطرح تساؤلات فلسفية حول طبيعة الشر، وكيف يمكن للخوف والخرافة أن يُخضِعا المجتمعات الصغيرة باسم النظام أو العقيدة.

 نقاط القوة
  • أداء تمثيلي متقن، خصوصًا من غوستاف سكارسغارد الذي يجسّد القسّ بعمق إنساني مؤثر.
  • سيناريو ذكي يمزج بين الدراما والتحقيق بأسلوب أدبي راقٍ.
  • تصوير فني مذهل للطبيعة القطبية، يجعل المشاهد يشعر ببرودة الرياح ووحشة الغابات.
أما بعض النقاد فلاحظوا بطئًا في إيقاع السرد في منتصف العمل، لكن هذا البطء يخدم الأجواء التأملية ويعزز الغموض الذي يحيط بالقصة.


يقدّم To Cook a Bear تجربة درامية فريدة تنتمي إلى فئة “النوردك نوار” — ذلك المزيج الساحر من الغموض، التأمل، والظلال الباردة التي تخفي وراءها أسرار البشر.
إنه عمل لا يُقدّم مجرد جريمة تُحلّ، بل رحلة فكرية تبحث في معنى الحقيقة والعدالة في عالم تسوده الخرافة والخوف.