في عام 2025، قدّم المخرج جيسي إدواردز (Jesse Edwards) فيلمه الجديد «The Wildman of Shaggy Creek»، وهو عمل عائلي يجمع بين المغامرة والغموض في إطار من الخيال الشعبي الريفي. الفيلم من إنتاج 323 Films، وشارك في كتابته سكوت بايرد وروب يورك إلى جانب المخرج نفسه.

هذا العمل لا يسعى إلى الإبهار بالمؤثرات أو الضخامة البصرية، بل يعتمد على روح الحكاية البسيطة التي تذكّرنا بأفلام الطفولة في الثمانينات، حيث تختبئ الأسرار في قلب الغابات وتُروى حول نيران المخيمات.

الحكاية
تبدأ القصة مع الفتى سكوت، الذي ينتقل مع أسرته إلى بلدة صغيرة تقع عند أطراف غابة غامضة تُعرف باسم شاغي كريك. منذ اللحظة الأولى، يسمع السكان يتحدثون عن مخلوق أسطوري يُقال إنه يعيش هناك — “الرجل البري” الذي يراقب من بين الأشجار ولا يظهر إلا في الليالي الممطرة.

يحاول سكوت التكيّف مع المكان الجديد، لكنه يجد نفسه محور سخرية زملائه في المدرسة حين يشكّك في تلك الخرافة. فيقرر أن يثبت شجاعته، فيخوض تحديًا لقضاء ليلة كاملة في الغابة، ترافقه في مغامرته صديقته الجريئة هايلي. هناك، تبدأ الغابة في الكشف عن أسرارها، ويتحوّل التحدي من مغامرة مراهقين إلى رحلة لاكتشاف الذات، والتمييز بين الخوف الحقيقي وتلك الأوهام التي نصنعها نحن.

شخصيات قريبة من القلب
  • سكوت يمثل الصراع الداخلي بين الفضول والخوف، وبين الرغبة في إثبات الذات والرهبة من المجهول.
  • هايلي تعكس صورة الصديق الوفي الذي يشجّع دون تكلّف، وتؤمن أن الشجاعة لا تعني غياب الخوف بل القدرة على تجاوزه.
  • أما سكان البلدة، فهم انعكاس لفكرة الجماعة الصغيرة التي تحيا على القصص والأساطير كوسيلة لحماية نفسها من المجهول.

ما وراء القصة
الفيلم يقدّم أكثر من مجرد حكاية عن "وحش في الغابة". هو في جوهره تأمل في طبيعة الخوف، وفي الطريقة التي نُشكّل بها تصوراتنا عن العالم. فالوحش، في نظر المخرج، ليس بالضرورة مخلوقًا غريبًا، بل قد يكون رمزًا لكل ما نجهله أو نخشى مواجهته في أنفسنا.

كما يركّز العمل على قيمة الصداقة، وعلى اللحظة التي يتحوّل فيها الخيال إلى أداة لاكتشاف الشجاعة، لا للهروب من الواقع. ومن خلال الغابة — رمز المجهول الكامن فينا — نجد الفيلم يربط بين الحكاية الشعبية والفلسفة الإنسانية ببساطة محبّبة.

الإخراج والأجواء
نجح جيسي إدواردز في خلق عالم بصري طبيعي ودافئ، بعيد عن المبالغة. التصوير في مواقع غابات حقيقية منح الفيلم نكهة واقعية تجعل المشاهد يشعر بأنه يسير بين الأشجار مع الأبطال.
الموسيقى الهادئة تزيد من الإحساس بالغموض دون أن تتحوّل إلى عنصر رعب، في حين جاء أداء الممثلين الشباب عفويًا ومقنعًا، ما أضفى صدقًا على التجربة.

الاستقبال والتقييم
عُرض الفيلم لأول مرة في الولايات المتحدة خلال فبراير 2025 ضمن مهرجان سينمائي محلي، ثم انطلق تجاريًا في مايو 2025. نال استحسان الجمهور العائلي، خاصة لرسالته الإيجابية وبساطته البعيدة عن التعقيد أو العنف.
كما أثنت بعض المراجعات على قدرته في استحضار أجواء المغامرات الكلاسيكية، بينما رأى آخرون أنه كان بحاجة إلى مزيد من التشويق في النصف الأخير.

ومع ذلك، يبقى «الموحش في شاغي كريك» فيلمًا صادقًا في نواياه، يقدم حكاية عن الخوف والجرأة في قالب يمكن للجميع أن يشاهده دون تكلّف أو توتر.

«The Wildman of Shaggy Creek» ليس فيلمًا عن الوحوش، بل عن البشر الذين يتعلمون كيف يواجهون ما يخفونه في داخلهم. في ساعة وربع فقط، يأخذك في رحلة قصيرة لكنها دافئة، تُذكّرك بأن المغامرة لا تحتاج دائمًا إلى أسلحة أو مؤثرات، بل إلى قلبٍ مستعد لأن يُصدّق.

إنه فيلم يُشاهد مع العائلة في أمسية هادئة، ليذكّرك بأنّ الغابة ليست مكانًا للمخاوف فحسب، بل موطنًا لاكتشاف الشجاعة والنور في أحلك الزوايا.