في شهر يونيو 2025، أطلقت منصة نتفليكس فيلم الرسوم المتحركة السعودي مسامير جونيور، الذي جاء امتدادًا للنجاح الكبير الذي حققه مسلسل مسامير الشهير. العمل هذه المرة يأخذ منحى مختلفًا، إذ يقدّم نسخة أقرب إلى روح الطفولة، لكن من دون أن يتخلى عن السخرية واللمسات الكوميدية التي اعتادها الجمهور من السلسلة الأصلية.

خلفية الإنتاج
الفيلم من إخراج مالك نجر، مبتكر مسامير، وكتب نصه عبد العزيز المزيني. وقد جرى إنتاجه عبر استوديو ميركوت للأنيميشن بالتعاون مع Sirb Productions، في خطوة تُعزز حضور الرسوم المتحركة السعودية على الساحة العالمية. مدة الفيلم تقارب الساعة والربع، وهو عمل موجّه في الأساس لفئة الشباب والبالغين، رغم أنه يستلهم عالم الطفولة وشخصياته.

القصة والأحداث
تدور القصة حول ثلاثة أطفال في السادسة من عمرهم يجدون أنفسهم أمام درس أخلاقي قاسٍ في المدرسة، حين يُقال لهم إن أفعالهم الطائشة قد تقودهم إلى "الجحيم". من هنا تبدأ رحلتهم الغريبة في محاولة القيام بـ"عمل صالح عظيم" يعوّض ما ارتكبوه من أخطاء.

لكن بدلًا من أن تتحقق النوايا الطيبة بسلاسة، يدخل الأبطال في مغامرات فوضوية مليئة بالمفارقات والطرائف، حيث يتحول كل عمل بسيط إلى حدث معقّد يولّد المزيد من المتاعب. وبذلك يجمع الفيلم بين الكوميديا الساخرة والرسائل الأخلاقية غير المباشرة، ليعرض فكرة المسؤولية من منظور طفولي ساخر.

الأسلوب الفني
اعتمد الفيلم على رسوم متحركة عصرية وألوان مبهجة تواكب روح الطفولة، مع شخصيات محببة وأداء صوتي لافت. لكن خلف هذا الشكل المرح، لا يتردد العمل في طرح موضوعات جادة بطريقة ساخرة، من بينها مفهوم الخطأ والصواب وكيف يُبنى الوعي الأخلاقي منذ الصغر.

كما تميّز الفيلم بالمزج بين المشاهد الكوميدية الخفيفة ومواقف العنف الكرتونية المبالغ فيها، التي جاءت على هيئة مشاهد مضحكة أكثر من كونها صادمة. هذا الأسلوب منح العمل طابعًا فريدًا يجذب الكبار والصغار معًا، وإن كان المحتوى الأنسب موجهًا لليافعين والبالغين.

التقييم والاستقبال
لاقى مسامير جونيور تفاعلًا جيدًا من المشاهدين، خاصة جمهور مسامير الأصلي الذين وجدوا فيه عودة بروح جديدة. النقاد أشاروا إلى أن الفيلم يرفع من مستوى الإنتاج المحلي للأنيميشن، وأنه يمثّل نقلة مهمة في تطور التجربة السعودية في هذا المجال.

ورغم بعض الملاحظات حول ملاءمته للأطفال الصغار، فقد اعتُبر العمل خطوة جريئة في تقديم محتوى كرتوني مختلف يجمع بين التسلية والسخرية والنقد الاجتماعي.

أهمية الفيلم
لا يقدّم مسامير جونيور مجرد مغامرة خفيفة للأطفال، بل يطرح تساؤلات أعمق عن التربية والوعي الأخلاقي، وعن كيف يمكن أن يفهم الصغار مفاهيم مثل الخطأ والصواب ببراءة قد تقودهم إلى نتائج غير متوقعة. وهو بذلك يُبرهن أن الرسوم المتحركة يمكن أن تكون مساحة إبداعية تعبّر عن قضايا إنسانية واجتماعية بأسلوب ممتع وجذاب.

يُعدّ مسامير جونيور علامة فارقة في مسيرة الرسوم المتحركة السعودية. فهو يجمع بين الطابع المحلي وروح عالمية، وبين الفكاهة والرسالة، ليقدّم للجمهور تجربة مشاهدة ممتعة توازن بين الضحك والتفكير. إنه عمل يُظهر أن صناعة الأنيميشن في المنطقة قادرة على المنافسة، وأنها تمتلك شخصيتها الخاصة وصوتها الفريد.