يشهد عام 2025 صدور أحد أكثر أفلام الرعب النفسي والساخر إثارةً للجدل، وهو فيلم «Shell» من إخراج ماكس مينغيلا، وبطولة النجمتين إليزابيث موس وكيت هدسون.
يقدّم الفيلم رؤية حادة وساخرة لعالم الجمال وصناعة “الكمال”، من خلال حكاية تنبش في عمق الخوف الإنساني من التقدّم في العمر، وفي الهوس المرضي بفكرة المظهر المثالي.

 القصة في سطور
تدور الأحداث حول سامانثا لايك (تجسّدها إليزابيث موس)، ممثلة كانت ذات يوم نجمة ساطعة في هوليوود، لكنها تجد نفسها الآن على هامش الصناعة بعد أن تخطّت مرحلة الشباب التي يقدّسها الوسط الفني.
تصلها دعوة غامضة من مؤسسة تجميل فاخرة تُعرف باسم “Shell”، تديرها امرأة ساحرة وغامضة تدعى زوي شانون (كيت هدسون).
تعد الشركة عملاءها بحياة جديدة، وجمالٍ لا يزول، من خلال تقنية مبتكرة لا تشبه شيئًا عرفه البشر من قبل.

لكن مع مرور الوقت، تبدأ سامانثا بملاحظة اختفاء بعض الزبائن، وتظهر عليها أعراض غريبة تُبدّل شكلها وسلوكها تدريجيًا. ما يبدو في البداية كعلاج معجزي يتحول إلى كابوس يعرّي هوس الإنسان بالجمال، ويكشف الوجه المظلم لصناعة التجميل.

 بين الرعب والسخرية
يتميّز Shell بقدرته على الدمج بين الرعب الجسدي (Body Horror) والهجاء الاجتماعي، في توليفة تذكّر بأفلام مثل Black Swan وThe Neon Demon.
الفيلم لا يكتفي بإخافة المشاهد بالمؤثرات أو المشاهد الصادمة، بل يوجّه نقدًا لاذعًا لمجتمع يربط القيمة الإنسانية بالمظهر، ويحوّل الجسد إلى سلعة تُباع وتُعدّل حسب الموضة.

يقدّم العمل قراءة رمزية لثقافة “الشباب الأبدي” التي تهيمن على الإعلام ووسائل التواصل، حيث تتحوّل الرغبة في البقاء جميلًا إلى هوس يلتهم صاحبه من الداخل.

 أداء لافت وإخراج أنيق
أبدعت إليزابيث موس في تجسيد شخصية امرأة تتآكلها المخاوف من الشيخوخة، فتمكّنت من نقل الصراع الداخلي بين الرغبة في القبول والخوف من الرفض.
أما كيت هدسون، فظهرت على غير عادتها في دور زوي الباردة والمغرية في آن، ما أضاف للفيلم بُعدًا نفسيًا غامضًا.

الإخراج جاء أنيقًا ومشحونًا بالتوتر البصري، حيث استخدم مينغيلا الإضاءة والألوان بذكاء ليُبرز التحوّلات النفسية للشخصيات، ويجعل المشاهد يشعر وكأنه محاصر داخل “قوقعة” من الجمال الزائف — تمامًا كما يوحي عنوان الفيلم.

 آراء النقّاد
حظي الفيلم بردود فعل متباينة؛ فبينما أشاد كثير من النقّاد بجرأته الفكرية وبأداء بطلتيه، رأى آخرون أن العمل فقد توازنه في بعض الفصول، إذ لم ينجح دومًا في المزاوجة بين السخرية والرعب.
كما عقدت بعض المقارنات بينه وبين فيلم The Substance الذي يتناول موضوعًا مشابهًا، لكن Shell يتميّز بطابعٍ أكثر واقعية ونغمةٍ سوداوية هادئة.

ورغم الجدل، اتفق أغلب المراجعين على أن الفيلم يستحق المشاهدة لما يطرحه من أسئلة وجودية عميقة حول معنى الجمال، وحدود الإنسان في سعيه لبلوغ الكمال المستحيل.

Shell ليس مجرد فيلم رعب جديد، بل مرآة تعكس مخاوف الإنسان الحديثة من الفناء والنقص، وتكشف الوجه القاسي لصناعة الرفاهية والمظهر.
هو عمل فني جريء يذكّرنا بأن الجسد، مهما بدا مثاليًا، يظل قوقعة هشّة تخفي روحًا تبحث عن القبول والسلام أكثر من الكمال.