يُعدّ مسلسل «الطاووس» واحدًا من أكثر الأعمال التي أثارت الجدل في موسم رمضان لعام 2021، ليس فقط بسبب موضوعه الجريء، بل لما حمله من مشاعر إنسانية مؤلمة وتساؤلات مجتمعية عميقة. المسلسل من بطولة جمال سليمان، سهر الصايغ، وسميحة أيوب، وقدّم قصة مختلفة عن المعتاد في الدراما المصرية، حيث اقتحم مناطق حساسة نادرًا ما تُطرح على الشاشة.

قصة العمل: حين تتحول المأساة إلى قضية رأي عام
تدور أحداث المسلسل حول فتاة تُدعى أمنية تعمل في منتجع سياحي لتساعد أسرتها المتواضعة. تتعرض الفتاة لحادثة اغتصاب جماعي قاسية على يد مجموعة من الشباب الأثرياء، لتتحول حياتها إلى جحيم بعد انتشار فيديو الجريمة على وسائل التواصل الاجتماعي.
يتولى محامٍ مخضرم الدفاع عنها، فيدخل في مواجهة مع شبكة من النفوذ والسلطة والمال، لتبدأ رحلة البحث عن العدالة وسط صمت المجتمع وخوف الضحية.

لماذا وُصف بأنه "الصدمة الدرامية"؟
جاء وصف العمل بالصدمة الدرامية لأنه كسر القواعد المألوفة للدراما الرمضانية التي تميل غالبًا إلى الكوميديا أو القصص الخفيفة. فقد اختار «الطاووس» أن يواجه الجمهور بواقع مؤلم لا يُقال صراحة، مسلطًا الضوء على قضايا التحرش والاغتصاب، والازدواجية في نظرة المجتمع للضحية والجاني.
كما أن الجدل الذي أحاط بالمسلسل تضاعف عندما قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر التحقيق في محتواه، بدعوى احتوائه على مشاهد “لا تناسب الشهر الكريم”. إلا أن هذا التحقيق زاد من اهتمام الجمهور بالعمل، حتى تصدّر محركات البحث طوال فترة عرضه.

أداء الممثلين وتأثير الرسالة
قدّم جمال سليمان واحدًا من أفضل أدواره في شخصية المحامي الذي يبحث عن العدالة مهما كانت التضحيات، بينما تألقت سهر الصايغ في تجسيد الألم الإنساني بصدق مؤلم جعل المشاهد يعيش معاناتها لحظة بلحظة.
أما سميحة أيوب، فقد أضفت بوجودها ثقلًا فنيًا كبيرًا على العمل، مؤكدة أن القضية ليست مجرد قصة درامية، بل صرخة ضد التهميش والصمت.

ردود الفعل والانقسام الجماهيري
تنوّعت ردود الأفعال حول «الطاووس» بين مؤيد يرى فيه عملًا شجاعًا يسلّط الضوء على قضية اجتماعية مهمّة، وآخرين رأوا أنه تجاوز الحدود في بعض مشاهده. ومع ذلك، اتفق الجميع على أن المسلسل نجح في كسر حاجز الخوف من مناقشة قضايا العنف ضد المرأة، مقدّمًا درسًا مؤثرًا في إنسانية الفن وقدرته على التغيير.


لم يكن «الطاووس» مجرد مسلسل رمضاني آخر، بل تجربة فنية وإنسانية طرحت سؤالًا مؤلمًا: من يدافع عن الضعفاء حين يصمت الجميع؟
العمل صادم ومؤلم، لكنه في الوقت ذاته ضروري، لأنه فتح الباب أمام نقاش مجتمعي واسع حول العدالة والكرامة والسكوت عن الجريمة.
قد لا يتفق الجميع حول طريقة طرحه، لكن لا شك أنه سيبقى من أكثر الأعمال التي تركت أثرًا حقيقيًا في ذاكرة المشاهد العربي.