بعد النجاح الكبير الذي حققته موسمي سلسلة Monster السابقين، تعود نتفليكس بموسم ثالث أكثر ظلمة وعمقًا تحت عنوان "Monster: The Ed Gein Story".
هذا الموسم الجديد، الذي بدأ عرضه في أكتوبر 2025، يستعرض واحدة من أبشع القصص في التاريخ الأمريكي، مستلهمًا أحداثه من السيرة الحقيقية للمجرم الشهير إد جين، الذي تحوّل اسمه إلى مرجعٍ في أدب الرعب وسينماه.
عن القصة
تدور الأحداث في ولاية ويسكونسن خلال خمسينيات القرن الماضي، حيث يعيش إد جين في مزرعة مع والدته المتسلطة أوغوستا، التي تفرض عليه عزلة خانقة وتغرس في ذهنه أفكارًا دينية متطرفة وتشوّه نظرته إلى العالم.
بعد وفاة والدته، يبدأ إد في الانحدار إلى أعماق الجنون، لتتحوّل وحدته إلى هوس مرعب بالموت والجثث والخلود.
ومع مرور الوقت، يكتشف سكان البلدة أسرارًا مروّعة خلف جدران منزله، لتبدأ سلسلة من التحقيقات التي ستكشف أحد أكثر الملفات إظلامًا في التاريخ الأمريكي.
الأداء والتمثيل
يقدّم الممثل تشارلي هانم أداءً مذهلًا في تجسيد إد جين، حيث نجح في إظهار التناقض بين ضعف الشخصية وبشاعة أفعالها، مقدّمًا مزيجًا نادرًا من الرعب الإنساني والتعاطف النفسي.
أما لوري ميتكالف فتجسّد شخصية الأم بصلابة مذهلة، فهي المحرّك النفسي الرئيسي في تكوين شخصية ابنها، والظلّ الذي لم يفارقه حتى بعد موتها.
يشاركهما في البطولة توم هولاندر وأوليفيا ويليامز بدور شخصيات تمثل نظرة المجتمع إلى الشرّ، وكيف يحاول الإعلام تفسيره وترويضه.
الإخراج والأسلوب
اعتمد المخرجون على سردٍ هادئ ومشحون بالتوتر، بعيد عن الرعب المباشر، أقرب إلى الغوص في عمق النفس البشرية.
الإضاءة الخافتة، والألوان الباردة، والتفاصيل البصرية الدقيقة أعطت العمل طابعًا وثائقيًا واقعيًا يقارب أفلام السايكودراما أكثر من أفلام الجريمة التقليدية.
الموسيقى التصويرية جاءت بطيئة ومخنوقة، تعكس الإحساس بالعزلة والجنون التدريجي الذي يسيطر على إدّ.
الاستقبال وردود الفعل
لاقى الموسم الثالث تفاعلًا واسعًا من الجمهور، خاصة بعد صدوره على نتفليكس، حيث أشاد كثيرون بجرأة الطرح وعمق المعالجة النفسية.
لكن في المقابل، وجد بعض النقّاد أن العمل يغالي في التمثيل الدرامي على حساب الدقة التاريخية، خصوصًا في تصوير العلاقة بين إد ووالدته.
ورغم التباين في الآراء، اتفق الجميع على أن هذا الموسم يُعدّ من أكثر المواسم إثارة للجدل في السلسلة حتى الآن.
الرسالة والرمزية
يحاول المسلسل أن يقدّم نظرة مختلفة إلى “الوحش”، فهو لا يبرّر الجرائم، لكنه يدعو إلى فهم الجذور النفسية والاجتماعية التي تصنع الشرّ.
في عالم إد جين، لا يوجد خيرٌ مطلق أو شرّ خالص، بل إنسان مريض يتأرجح بين الخوف والطاعة والهوس بالحبّ الذي تحوّل إلى لعنة.
Monster: The Ed Gein Story ليس مجرّد عمل عن قاتلٍ متسلسل، بل دراسة مرعبة في طبيعة الإنسان عندما يُحرم من الحبّ ويُسجن داخل أفكاره.
إنه عمل ثقيل نفسياً، لكنه غني دراميًا، يلامس حدود الرعب الواقعي، ويجعل المشاهد يطرح على نفسه سؤالاً واحداً:
هل يولد الشرّ فينا، أم نصنعه نحن بأيدينا؟
افلام
مسلسلات
المدونة