يقدّم المسلسل الإسباني الجديد Fate، الصادر عام 2025 عبر منصة Disney+، تجربة درامية مختلفة تنبض بالواقعية والإنسانية، وتغوص في عالم غير متوقّع يجمع بين أحلام الشباب البسيطة ومجد مصارعة الثيران العريق في إسبانيا.
العمل من إخراج باكو بلاثا وبطولة أوسكار خاينادا وريكاردو غوميز، وقد لفت الأنظار منذ عرضه الأول في مهرجان سان سيباستيان السينمائي الدولي بفضل أسلوبه المبتكر وحواره الصادق.

 القصة
تدور أحداث المسلسل حول ديفيد، شاب هادئ ومتواضع يعيش حياة عادية في إحدى المدن الإسبانية. يعمل سائق سيارة أجرة ليلاً بينما يستعد لاجتياز امتحانات التوظيف الحكومية، ويحلم بحياة مستقرة وآمنة بعيدًا عن المغامرات.
لكن مصادفة غريبة تغيّر مجرى حياته بالكامل، حين يُطلب منه أن يكون السائق الخاص لأحد أشهر مصارعي الثيران السابقين، الملقّب بـ "المايسترو"، الذي يعيش آخر أيام مجده بعد سنوات طويلة من الشهرة والأضواء.

رغم اختلاف الطباع والخلفيات، تنشأ بين الرجلين علاقة معقدة تجمع بين الصداقة، الإعجاب، والرفض في آن واحد.
ومع مرور الوقت، يجد "ديفيد" نفسه غارقًا في عالم المصارعة الذي لم يكن يعرف عنه شيئًا، ليتحوّل من مجرد مراقب إلى شريك في رحلة البحث عن المعنى، وعن فرصة جديدة لإعادة اكتشاف الذات.

أداء الشخصيات
يقدّم أوسكار خاينادا أداءً قويًا يجمع بين الكبرياء والانكسار في دور “المايسترو”، المصارع الذي يواجه واقعه بعد أن هجرته الشهرة.
أما ريكاردو غوميز، فيؤدي شخصية “ديفيد” ببساطة وعفوية تجعل المشاهد يتعاطف معه منذ اللحظة الأولى.
التفاعل بين الشخصيتين هو جوهر العمل؛ إذ يُظهر كيف يمكن للقدر أن يجمع بين شخصين من عالمين متناقضين ليعلّم كلٌّ منهما الآخر دروسًا لم يكن ليتعلمها وحده.

 خلفية ثقافية غنية
ما يميز Fate أنه لا يكتفي بسرد قصة إنسانية، بل يغوص في عمق الثقافة الإسبانية من خلال عالم مصارعة الثيران، الذي يراه البعض إرثًا فنيًا أصيلًا، ويراه آخرون عادة قديمة تثير الجدل.
يقدّم المسلسل هذه الخلفية بحيادٍ واحترام، فيعرض التقاليد دون تمجيد، وينتقد دون إصدار أحكام، مما يمنحه عمقًا ثقافيًا يُثري التجربة الدرامية.

 الإخراج والأسلوب
يتميّز العمل بإيقاع هادئ يوازن بين الواقعية والرمزية، وتُبرز المشاهد المصوّرة في الساحات الإسبانية التاريخية جمال الصورة وقدرة الكادر على التقاط روح المكان.
الإضاءة الدافئة والموسيقى المصاحبة تمنح المسلسل طابعًا حميميًا يذكّر المشاهد بأن القدر ليس دائمًا قاسيًا، بل قد يكون طريقًا خفيًا نحو الحرية والنضج.

 الرسائل والمعاني
من خلال قصة بسيطة المظهر، يطرح المسلسل أسئلة عميقة عن القدر والاختيار، عن معنى النجاح، وعن لحظة المواجهة التي يكتشف فيها الإنسان أن ما كان يهرب منه قد يكون ما يحتاج إليه ليجد نفسه.
إنها رحلة إنسانية بين الخوف والأمل، بين الماضي الذي يرفض الرحيل والمستقبل الذي لا ينتظر أحدًا.

Fate (2025) عمل درامي إنساني يحمل بصمة إسبانية خالصة، يجمع بين الجمال البصري والعمق العاطفي.
هو ليس مجرد حكاية عن مصارع ثيران أو شاب بسيط، بل قصة عن اللقاء الذي يغيّر حياة شخصين إلى الأبد.
مسلسل يستحق المشاهدة لمن يبحث عن دراما صادقة، تعيدنا إلى جوهر الإنسان حين يواجه قدره بشجاعة وصدق.