في موسمٍ تتسابق فيه المنصات على تقديم أعمال الرعب، يطلّ مسلسل «True Haunting» على منصة Netflix كأحد أبرز مفاجآت خريف 2025، مستندًا إلى قصصٍ واقعية تلامس حدود الخوف البشري.
العمل، المكوّن من خمس حلقات فقط، يمزج بين الوثائقي والدرامي في أسلوبٍ مشوّق يجعل المشاهد حائرًا: هل ما يراه خيالٌ فني أم وقائع حدثت فعلًا؟

 الفكرة والخلفية
ينطلق المسلسل من قصتين حقيقيتين وقعتا في الثمانينيات، وتحوّلتا إلى علامات فارقة في تاريخ الظواهر الخارقة.
القسم الأول بعنوان «Eerie Hall» يروي تجربة الطالب كريس دي تشيساري، الذي واجه خلال دراسته الجامعية في نيويورك أصواتًا غريبة وحوادث غير مبرّرة، حتى أصبح محورًا لأحد أشهر ملفات التحقيق في النشاطات الماورائية.
أما الجزء الثاني «This House Murdered Me» فيتناول مأساة عائلة انتقلت إلى منزل قديم ظنّته بداية جديدة، قبل أن يتحول إلى مصدرٍ للرعب والعذاب النفسي المستمر.

منذ الدقائق الأولى، يضع المسلسل مشاهديه أمام سؤالٍ يلاحقهم حتى النهاية:
هل ما حدث مجرّد تهيؤات… أم أن العالم الذي لا نراه أكثر حضورًا مما نظن؟

الأسلوب والإنتاج
يمتاز «True Haunting» بإنتاج بصري قوي يقترب من جودة أفلام الرعب السينمائية، إذ تمزج الكاميرا بين مقابلاتٍ حقيقية ومشاهد تمثيلية تُعيد رسم الأحداث بدقة مقلقة.
المخرج اختار أسلوبًا هادئًا متدرجًا في تصعيد التوتر، مبتعدًا عن الصدمات المفاجئة أو المؤثرات المبالغ فيها، ليخلق رعبًا نفسيًا يتسلل ببطء إلى المشاهد.

ويُحسب للمسلسل أن وراءه أحد أبرز صُنّاع الرعب في هوليوود، جيمس وان (مخرج سلسلة Insidious وThe Conjuring)، الذي أشرف على الإنتاج التنفيذي ليمنح العمل طابعه السينمائي المعروف.

 ما الذي يميّزه؟
  • الواقعية الصادمة: يعتمد السرد على شهاداتٍ حقيقية لأشخاص عاشوا التجربة، مما يضفي على المشاهد إحساسًا مقلقًا بالصدق.
  • تنويع بيئات الأحداث: من حرمٍ جامعي إلى منزلٍ ريفي قديم، تتنقّل القصص بين عالمين مختلفين يوحّدهما الخوف.
  • رعب نفسي أكثر من جسدي: لا يعتمد العمل على الدماء أو الصرخات، بل على الإيحاء والإحساس بالعزلة والتهديد غير المرئي.
  • تصوير بصري متقن: الألوان الباردة والظلال الثقيلة تمنح العمل طابعًا سينمائيًا لا يُشبه الوثائقيات التقليدية.

 ردود الفعل
تفاوتت الآراء حول المسلسل بين من اعتبره تجربة رعب واقعية نادرة، ومن رأى أنه يبالغ في التمثيل على حساب مصداقية القصة.
نقاد كُثر وصفوه بأنه “مزيجٌ ذكي بين التوثيق والدراما”، في حين تمنّى بعض المشاهدين أن يكون أطول من خمس حلقات ليمنح القصص مساحة أعمق.
أما على مواقع التقييم، فقد حقّق المسلسل حوالي 60٪ على موقع Rotten Tomatoes — وهي نسبة تعكس انقسام الجمهور بين الإعجاب والتساؤل.

«True Haunting» ليس مجرد مسلسل رعب عابر، بل تجربة تحاول استكشاف الخط الفاصل بين الواقع والخيال، بين العقل والإيمان.
إنه يذكّرنا بأن أكثر ما يخيف الإنسان ليس الظلال ولا الأشباح، بل ما لا يستطيع تفسيره.
ولذلك، فإن هذا العمل يُعدّ واحدًا من أكثر إنتاجات نتفليكس إثارة في موسم 2025، ومشاهدة لا يُنصح بها لمن ينام والأضواء مطفأة.